أحيا أداما سيديبي، آخر عازفي السوكو المحترفين في مالي، ليلة استثنائية في مهرجان فاس للموسيقى الروحية، مستخدماً آلته ذات الوتر الواحد لينسج خيوطاً موسيقية تربط الماضي بالحاضر.
نقلت صحيفة جون أفريك الفرنسية تفاصيل هذا العرض الفريد الذي قدمه سيديبي، حيث برزت السوكو كجسر يربط بين الأجيال في منطقة الساحل الإفريقي، معيدة إحياء تراث موسيقي عريق يواجه خطر الاندثار.
تمثل موسيقى السوكو نقطة التقاء حيوية بين ثقافات الترحال والمجتمعات المستقرة في الساحل، حيث تتحول نغماتها المميزة وإيقاعاتها المتصاعدة إلى لغة عالمية للتواصل الروحي، متجاوزة حدود اللغة والثقافة.
يقدم سيديبي في عروضه تجربة موسيقية فريدة تبدأ من نغمة بسيطة ثم تتطور عبر تكرارات مدروسة، خالقة مساحات صوتية تنقل المستمعين من مجرد الإصغاء إلى المشاركة الوجدانية الكاملة.
يشير الفنان المالي إلى أن استمرارية فن السوكو تعتمد على نقل المعرفة عبر التلمذة المباشرة والممارسة، مؤكداً حاجة هذا التراث إلى دعم مؤسسي يضمن ظهور جيل جديد من العازفين.
شكل حضور السوكو في مهرجان فاس نموذجاً حياً لقدرة المهرجانات الثقافية على ربط التجارب المحلية بالسياق العالمي. فقد تفاعل الجمهور الدولي مع هذه الموسيقى التي تحمل في طياتها بحثاً عميقاً عن الهوية والانتماء.
يجمع أسلوب سيديبي بين الوفاء للتقاليد والانفتاح على التجديد، مقدماً المقامات والإيقاعات التقليدية بأسلوب معاصر يحافظ على أصالة اللغة الموسيقية مع توسيع نطاق وصولها إلى الجمهور العالمي.
تكشف تجربة السوكو في فاس عن العلاقة العميقة التي تربط المغرب بمنطقة الساحل، وتؤكد قدرة الموسيقى على تجاوز الحدود الجغرافية والثقافية، مقدمة نموذجاً حياً لحوار الحضارات عبر الفن.