شهدت النقدية الموسيقية تحوّلات جذرية خلال العقود الماضية، إذ أصبح من النادر أن يطلق النقاد الأقلام الحادة أو التصنيفات السلبية القاسية على الأعمال الفنية، بعدما كانت طقوس "تقطيع" الألبومات أو الفنانين سمة ثابتة في الصحافة الثقافية للستينات والثمانينات. يلاحظ محللون أن روح التنافس والجرأة التي حملها نقاد من قبيل روبرت كريستغو وغريل ماركوس أفسحت المجال تدريجياً لأسلوب أكثر حذرًا واتزانًا.
ومن أسباب هذا التحول بروز التيارات الرافضة للنخبوية و"الروكستية" (rockism) في بداية الألفية الثالثة، إضافةً إلى تصاعد ظاهرة المعجبين المتحمسين على المنصات الرقمية، وما يرافقها أحيانًا من حملات ترهيب تجاه النقاد القساة، كما حدث مع من انتقدوا تيلور سويفت أو كانييه ويست وتعرضوا للتهديد أو التنمر. هذه الحساسيات الجديدة دفعت العديد من المنابر إلى مراجعة سياساتها التحريرية، حيث قام موقع Pitchfork بتخفيف حدة تقييماته، وتخلّى Rolling Stone سنوات عن نظام الدرجات الحاد لصالح تصنيفات محايدة.
وتشير التحليلات كذلك إلى أن وجود الفنانين على وسائل التواصل وصعوبة الحفاظ على المسافة النقدية، دفع بعض النقاد إلى تبني موقف أكثر تسامحًا خشية التعرض للانتقاد أو العداء. رغم ذلك، تظهر أحيانًا محاولات لإعادة إحياء النقد الحاد، في ظل إدراك بعض الأصوات لصعوبة أن تتلاقى كل الألبومات الشهيرة مع الإجماع الجماهيري.