من وثائقي إيطالي إلى ذاكرة طفولية عالمية: الحكاية غير المتوقعة لـ "Mah Nà Mah Nà"
من وثائقي إيطالي إلى ذاكرة طفولية عالمية: الحكاية غير المتوقعة لـ "Mah Nà Mah Nà"
منصة المَقالاتيّمنصة المَقالاتيّ
00:00
02:08

حين أطلق الموسيقي الإيطالي بييرو أميلياني عام 1968 مقطوعته الغريبة "Mah Nà Mah Nà"، كان الأمر مجرد خلفية موسيقية لوثائقي إيطالي بعنوان *Svezia, inferno e paradiso* يتناول عادات المجتمع في السويد. لم يكن يخطر بباله أن اللحن الذي بناه على أصوات بلا معنى محدد سيغادر شاشة الفيلم ليشق مساره المستقل، متحررًا من أي سياق حكائي، لينتقل إلى فضاء الثقافة الشعبية العالمية. فجاذبية المقطوعة تكمن تحديدًا في عبثيتها المقصودة، فهي خالية من الكلمات ذات الدلالة، لكنها محمّلة بطاقة إيقاعية آسرة تجعل المستمع يتآلف معها منذ اللحظة الأولى، كما لو كانت جزءًا من ذاكرته السمعية القديمة.  

في السبعينيات، حدث التحول الكبير عندما تبنّى برنامج الدمى الأميركي الشهير *The Muppets* هذه المقطوعة، مقدّمًا إياها عبر أداء عفوي ومرح أثبت أنه يتجاوز حدود اللغة والثقافة. ومنذ تلك اللحظة، لم تعد "Mah Nà Mah Nà" مجرد عمل موسيقي ثانوي، بل تحولت إلى لازمة عالمية يعاد إنتاجها ويستعاد حضورها في برامج الأطفال والإعلانات والحفلات وحتى في الثقافة الرقمية الحديثة على منصات الإنترنت. لقد أصبحت رمزًا للمرح الطفولي والعفوية الخالصة، موسيقى تعيش على بساطتها وتكرارها المحبّب، وتمنح الجميع إحساسًا مشتركًا بالانتماء إلى ذاكرة جماعية من الضحك والنقاء.  

وهكذا، من خلفية لمشهد سينمائي وثائقي عابر، خرج لحن صغير ليكتب لنفسه مصيرًا مفاجئًا ومختلفًا. "Mah Nà Mah Nà" لم تُصنع لتكون أيقونة، لكنها صارت كذلك لأنها استطاعت أن تجسّد، ببساطة وتحرّر، جوهر الموسيقى كطاقة مبهجة لا تحتاج إلى تفسير، كصوت طفولة لصيقة بالإنسان أينما كان.