هيا نشتر شاعراً | أفونسو كروش
هيا نشتر شاعراً | أفونسو كروش
أ أفونسو كروش
00:00
01:26:37

في عصر شراسة المال والاستهلاك الأهوج، سجّل الكاتب البرتغالي أفونسو كروش احتجاجه ضد العالم الجشع من خلال روايته القصيرة الهجائيّة "هيّا نشترِ شاعراً". قد تبدو الرواية طريفة للوهلة الأولى بسبب السخرية التي فيها، لكنها في الأساس منذرة ومحذرة من تهافت الناس نحو الماديات على حساب عواطفهم وإنسانيتهم ذاتها. نجد فيها نوعاً ضرورياً من المبالغة، لأنه إن لم يكن عالم اليوم هكذا تماماً، فسيصير على هذه الحال في الغد. الناس يعبّرون عن مشاعرهم بالنسب المئوية. الأسماء أرقام بفواصل عشرية. كل شيء بحاجة للقيام بدراسات وإحصائيات حوله قبل إنجازه. المجاز كذب، الشعر عديم النفع، والشعراء غريبو الأطوار وغرباء في ذلك المجتمع المادي الذي يمتلك لغته الخاصة، والغبي بغير لغة الأرقام. يتم شراء الشعراء والرسامين والنحاتين وبقية الفنانين من محال متخصصة، كما تشترى القطط والكلاب، وعندما يصبحون عبئاً على ميزانية العائلة يتركونهم تحت شجرة في حديقة.

لكن عبور الشاعر الذي اشترته الراوية اليافعة لم يكن دون أثر في عائلتها، فقد سعى إلى تبسيط المشاكل المادية التي تمر بها العائلة بعباراته الشاعرية التي لم يكونوا يطيقونها في أول الأمر، ثم حلّت هذه العبارات مشاكل كل منهم على حدا: ساعدت الإبن في كسب حب زميلته في المدرسة بفضل قصيدة كتبها له الشاعر. "التجاعيد هي ندوب العواطف التي تجتاحنا في الحياة"، أعاد للأم كرامتها وإحساسها بذاتها بعد أن كانت آلة أخرى في البيت وكاد العمر يفوتها. "القبلة هي الأنجع لحرارة الجسم"، أوحى للأب بالفكرة التي أعادت الازدهار إلى شركته بعد أن شارفت على الإفلاس، إذ ركّب تدفئة للعمال زادت إنتاجيتهم بعدها.

استمرت الإبنة بزيارة الشاعر تحت شجرته بعد أن تخلّوا عنه، هي التي بدأت كتابة الشعر منذ اللحظة التي اختفى فيها عن ناظريها من نافذة السيارة، بعد أن أنزلوه في الحديقة. يورد الكاتب أخيراً في الخاتمة التي جاءت نافرة عن بقية روايته، وضرورية للتأكيد على فكرته، يورد اقتباسات لمفكرين وعلماء وشعراء يؤكدون على أن الجانبين العلمي الحسابي والأدبي العاطفي يتكاملان ولا يتعارضان في صنع ذكاء وثقافة الناس.