عبقرية عبد الوهاب وشاعرية مرسي جميل عزيز: رحلة أغنية من غير ليه
تُعد أغنية "من غير ليه" درة ثمينة في تاج الموسيقى المصرية، وتحفة فنية خالدة جمعت بين عبقرية الشاعر مرسي جميل عزيز وإبداع الموسيقار محمد عبد الوهاب. وتحمل هذه الأغنية قصة مثيرة في طريق تكوينها، إذ كانت في الأصل مخصصة لصوت العندليب عبد الحليم حافظ في السبعينيات، لكن القدر شاء أن يتولى محمد عبد الوهاب نفسه أداءها وتلحينها، لترى النور أخيراً عام 1989 بعد فترة طويلة من النضج الفني.
تمتد الأغنية على مدار 41 دقيقة باللهجة المصرية الأصيلة، وتتميز بعمقها الفلسفي والعاطفي الفريد. تستكشف الأغنية بحساسية مرهفة تعرجات الحب العميق، وتقدم تأملات مؤثرة حول عدم يقينية الحياة والخوف من فقدان المحبوب. ومن خلال كلماتها المعبرة، تدعونا الأغنية للتفكر في معنى وجودنا، ناسجة بمهارة خيوطاً تربط بين التساؤلات الوجودية ونبضات القلب.
شكل طرح "من غير ليه" في عام 1989 عودة قوية للموسيقار محمد عبد الوهاب إلى الساحة الفنية، مثبتاً أن موهبته لم تفقد بريقها أبداً. وفي خضم مشهد موسيقي كان يهيمن عليه نجوم جدد مثل حميد الشاعري وعمرو دياب ومحمد منير، برزت هذه التحفة الفنية كعمل خالد يتجاوز حدود الزمن والعصر.
"الموسيقى هي فن التفكير بالأصوات" - هذه المقولة تتجسد بكل معانيها في هذا العمل الذي استطاع فيه محمد عبد الوهاب أن يمزج ببراعة بين عمق الشعر وثراء الموسيقى.